د. جمال حماد يكتب: رحلت
بقلم جمال حماد
________
وكأن فى رحيلها البقاء..
وانا في الرابعة عشر من عمري ،كنت وقتها في منتصف المرحلة الأعدادية، رحلت وسلبت كلّ أشيائي الجميلة، تركت في داخلي حزني العميق
اخذت مني اشراقة وجهها حين أراها كل صباح ،(صباح الخير ياامي ) ، وابتسامة جبينها حين اقبلهاعند المساء ( تصبحين على خير ياامي) ،
رحلت وعيونها يملؤها الرضى ، والصبر يعانقها في رحلة مرضها القاسية،
فبرغم من صغر سني حينها، كنتُ اتذكر تفاصيل تلك الرحلة ومآسيها،فمازالتْ مرسومة في عيني آخر صورة لها، وهي تحكي عن حجم الألم الذي تعانيه،
ومازلتُ أنا اتذكر ضعفي وعجزي وحيرتي وقتها،وفي كل مرة يشجيني ويحزنني صمودها، وأملها في الشفاء. لكن كانت ارادة الله نافذة...
تحملتْ مالا يتحمله بشر،من فرط الألم،تحملتْ وهي تدعو لنا بالخير وتيسير الأمور ...ورحلت...
من هنا كانت البداية في حكاية لم تنتهي اجابتها عن معنى الفراق،ومعنى الموت....
وتساءلت كثيرا، ومازلتُ اتساءل هل الفراق هو فراق الجسد؟ هل الموت هو موت الخلايا؟ ، ومازالت اجاباتي متعثرة حائرة..
ولماذا اذاً
الذينَ رحلوا يسكنون خبايا القلب، وعندما تنام أعيننا نراهم،وعند الصحو نحادثهم....
الصورة مازلت امامي...
وأمي تودع الحياة،ولكنها مازالت
ساكنة في الضلوع بين الحشايا...
ثنائيه الوداع والبقاء،في تخيلي ليست متناقضة،بل هي متكاملة مشبعة للروح أن تتحدث وترى حتى مع الوداع....
رحمة الله عليكِ ياامي، حتى رحيلك بداية أن ارى العالم بكل تناقضاته، واستشعر معكِ في بُعدك كلّ الاشياء واحادثك وتجيبي كأن الرحيل بقاء ولا ندري...