جاري تحميل ... مجلة أيامنا

إعلان الرئيسية

كتاب أيامنا

عددنا الورقي

ترجم إلى

زيارات الموقع هذا الشهر

إعلان في أعلي التدوينة

ابراهيم معوض يكتب: الأدب الحكائي بين فكي المحافظة والإنحلال.








كتب/ابراهيم معوض

اختلف الأدباء في توصيف الإبداع؛ منهم من يرى أنه الإحياء ومنهم من يرى أنه التجديد، ولكن هناك طائفة تدعي أن عليه فقط أن يخترق الحجب، وأن يتطرق إلى موضوعات لم يسبق إليها الأولون؛ وهذا الفريق يرهقه البحث حين يصطدم بأن كل الموضوعات والأفكار قد مضغت منذ أن خلق الله الأدب والفنون فيقف تائها وسط صحراء أوراقه، ولأنه لا يرى في قلمه إلا أداة تميز تلحقه بركاب المشاهير؛ فإن عليه أن يملأ هذه الصفحات وبأي طريقة، فإذا كان بطبيعته محافظاً، تجده يكتب من معينه ويتطرف حتى يقال عنه مجددًا، فتأخذه نغمة خطابية مفرطة وكأنه يقف على منبر بين جموع المصلين يلقي خطبة الجمعة، أو عظة الأحد على اختلاف معتقده الديني، وأنا هنا أتحدث عن شكل من الأشكال ولست بصدد مناقشة أفكار أخرى؛ فقد أتفق كل الاتفاق مع أفكار الكاتب ولكن يبقى الأسلوب حائلاً بين قبول العمل كجنس أدبي أو اعتباره بوحًا مشروعًا لكاتب معه ورقة وقلم ليس إلا، وعند انتقاد أو مهاجمة هذا النوع من الكتابة أول ما يصدمك به الكاتب في رده عليك اتهام بالتحلل والإلحاد ورفض للأفكار التى تهدي القارئ إلى طريق قويم وهو لا يعلم أو يعلم ويتغافل عن عمد أن الخلاف بينكما في الشكل دون المضمون، وذلك كي يبين لجمهور متابعيه أنه المتحدث الرسمي باسم الدين، ويحاربه الخارجون، فيعود بك إلى المربع رقم صفر، ويحول الحوار إلى هجوم ودفاع وتكون أنت المدافع بعد أن كنت مجرد محاور عادي، لك رأي تطرحه ببساطة، وينطلق نحوك بكتيبة من المتابعين سلاحهم اللايك والشير وعتادهم التعليقات الساخرة أو الطاعنة وبهذا يكون قد حقق هدفه الأسمى بأن جعل لنفسه أعداء كثر إعمالا بمقولة : "إن لم يكن لك عدو فأنت شخص فاشل" كما ظهر أمام متابعيه في ثوب المهدي..


وكما قال المثل الشعبي : "كل واحد من دولابه بيلبس"


وإن كان من الجناح الآخر فإنه يلبس ثوب مخالفة القيم المجتمعية، فيكون التجديد بالنسبة له أن يستحدث أفكارا لم يسبقه إليها إبليس، فيعقد نصه بين أبطال من السكارى الزناة، ثم يقول لنفسه: يا ويلي لقد مضغت هى الأخرى؛ فيعلم أن عليه أن ينحرف أكثر فيخرج بما هو أكثر شذوذا حتى على محيط السكارى والزناة أنفسهم، وما كتبت مقالي هذا إلا حينما وقفت على عدة نصوص لكتاب مختلفين أظن أنهم لا يعرفون بعضهم البعض وبين نصوصهم خيط مشترك وصف عادي ركيك لعلاقة جنسية مشينة بتفاصيل لا هدف منها ولا محصول درامي،

 وللأسف الشديد هم اكثر الناس حرصا على نشر أعمالهم على المنصات الأدبية الإليكترونية وكأنهم يسوقون لسلعة؛ فكلما رفض الأدمن لهم نصا ألحقوه بغيره علَّ الخطأ يحدث ويعرض لهم مرة وهم يعلمون سلفا أنه حتى حال العرض سيكون الحذف مصيرهم ولكن هذا عين المراد؛ يعودون إلى صفحاتهم وإلى بعض الجروبات التى تفتح لهم أبوابها يبكون الرجعية والتخلف وقمع الحرية والفكر بل الأدهى والأمرُّ أنهم يذكرون مصطلح "قصف الأقلام"

وإذا قلت لأحدهم ذات خناقة: أنت لا تملك قلما كي نقصفه.

فما كان منه إلا أن يفتح عليك باب قفص المتابعين 

فتكون أول قارئ في العالم يشتم على صفحات اليمين واليسار، بل ومعك شهادات بالإلحاد والتطرف والرجعية في آن واحد. 


أقولك نصيحة: (اطلع أجري).


هذا ما يحدث بالفعل فكم من قُرّاء تركوا القراءة أصلا، وكم من آخرين نزحوا لقراءة الروايات والقصص المكررة والمعادة والتى تدغدغ مشاعرهم بمعسول الكلام بلغة ركيكة أو بلا لغة سردية أصلا..

وما يدهشني أنها جميعا تنتهي بلحظة تنوير فارقة يتزوج فيها البطل البطلة ويعيشوا في تبات ونبات ويخلِّفوا صبيان وبنات!

فيكون لهؤلاء الكتاب زمرة من المتابعين الفارين من معسكر اليمين ومن معسكر اليسار ، فيستقبلونهم بمنتج أدبي أكثر تحللاً ولكن تحلله هذه المرة ليس أخلاقياً وإنما تحلُّل وتحرُّر من اللغة والسرد والقصة والفكرة.. (من الآخر بيقدموا هذيان)..

أما الفرقة الثانية، فاندفعت تبحث عن الأعمال القديمة مجهولة الصاحب أو من لها صاحب قد قضى نحبه، وليست له ذريّة، فيعتبرون أنفسهم الورثة الشرعيين لهذه الأعمال، إما ينسبونها لأنفسهم كما هي أو يدخلونها في عملية إعادة تدوير بأن يغيروا فيها جملة أو جملتين أو مشهد أو مشهدين، ويخرجوا علينا بابداع جديد - من وجهة نظرهم-

ولا أظن بعد كل هذا الكلام أن هناك فرقة ناجية من التدليس الإبداعي إلا الفرقة التي قال عنها الفنان محمد صبحي في مسرحيته الشهيرة الهمجي

"كن أنت نفسك ولو كنت صعلوكًا وضيعًا؛ وإذا وقعت يوماً في بالوعة المجاري اللعينة لا تقل أف"

مشهد كوميدي ساخر لا ينسى وإنما يقدم حقيقة فيجب أن يكون الأديب نفسه له بصمته الخاصة حتى لو كان ضعيفاً يكفيه فخراً أنه لا يكتب الآخرين، ولا يبيع قيم ولا يتاجر بدين ولا بقضية ولا يرتدي عباءة ليست له..

أما عن ضعفه في الكتابة مع الوقت والدربة والصبر سيصير الأفضل باذن الله، كما يكفيه شرفًا أنه لم يعتن إلا بقلمه وأوراقه فلم يسع لكسب متابع ولا معاداة مخالف ولا طالباً لشهرة زائفة، محافظاً على قيم المجتمع ومحترماً لذاته المبدعة وسائراً في درب التطور في آن واحد.


إبراهيم معوض 


عضو نادي أدب شبين الكوم

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أيامنا: هي مجلة ثقافية واجتماعية وشاملة تصدر عن مؤسسة شمس العرب الصحفية, كما أن المجلة تضم عددها الورقي

برمجة وتصميم © شركة أوزيان2022

برمجة المهندس © مصطفى النمر2022