قصة قصيرة بقلم /منال الاخرس
لم تفلح خططه المحكمة في احتوائي ولم تُجْدِ أي خريطة في الوصول لمراكز الشعور التي لا أعلم أين تستقر الآن!
باءت محاولاته المدروسة بدقة لاقتناص وعد مني بصمت عنيف؛ ما توقعه وما قصدته.
كانت معركة بين الفطرة وبين الهجوم المدبر المزود بأعتى أسلحة العقل الإنساني والشيطاني، فالفطرة المروية بنور الله نجت من هذا الزحف المنتظم المتجه نحوها بكل لغات العالم الحسية والخفية؛ فقد قالها بكل الأشكال والأحجام والأوزان ولم أحسها، لماذا لم أحسها؟
هل بسبب ذنب اقترفته ؟ أم يعود لِعَيْبٍ فيه؟ أم لِعَيْبٍ فيَّ؟
لماذا لم تخترق الكلمة وجداني؟ لماذا وقف حائلًا فولاذيًا بيني وبينه؟
لماذا عذبته وأجهضت اعترافاته ؟ لماذا بخلت عليه بالنصر مادام نصره بإمكاني؟
كنت كلما منحته وقتًا ليمارس طقوسه نحو الاقتراب من حصوني الزئبقية تحدث أزمة بين الفصول الأربعة، أجد البرودة تتسرب لأوصالي وأطنطن بأنشودة الشتاء الإجبارية فألمح ذهوله وأذهل مثله.
ذات مرة خلع معطفه وألبسنيه؛ حتى يخفف عني موجة الشتاء التي انتابتني إلا أن برودته هاجمتني أكثر وأكثر ولم تهدأ حتى استرده فتراجع الشتاء، فليست كل نوبات البرد تفلح معها المعاطف فيكفى دفء القلوب لردعها أحيانًا.
كانت تلك النوبات لا تأتي جميعها في الشتاء فكم هاجمتني في الربيع وفي الخريف الذي أحبه حتى الصيف لم يحمني منها.
_ يبدو أنه يئس من العبور إلى أيٍ من الغُرَفِ الأربع، فهل حقًا أحبني؟ يبدو أنه لم يفعل.
وإن أحبني حقًا فحتمًا كان سيعبر حصوني وقلاعي، وحتمًا كان سيصل سهمه إلى قلبي، وحتمًا سأشعر بها وبدفئها في أوصالي وإن لم يقلها بكل لغات العالم وبكل الأشكال والألوان والأحجام والأوزان.
ولو أنه فعل وأحبني بصدق؛ ما كان أرهق نفسه لغزو قلبي المحصن بنور الله، ولما حشد جل طاقته وذخيرته، حينها كانت تكفي نظرة من عينيه أو همسة تصلح بين الفصول الأربعة وتصبح بديلًا عن كل اللغات.
منال الأخرس
