جاري تحميل ... مجلة أيامنا

إعلان الرئيسية

كتاب أيامنا

عددنا الورقي

ترجم إلى

زيارات الموقع هذا الشهر

إعلان في أعلي التدوينة

د. سحر الحسيني تكتب: سيد درويش... ثائرٌ بالألحان، خالدٌ رغم الزمان!!





سحر الحسيني 


وكأن حلفًا بينهما... الربيع ومارس... وذكرى ميلاد درويش الـ 132


قالوا عنه "المُحدِث"، وقالوا "خادم الموسيقى"، و**"فنان الشعب".

وقيل عنه "صوت الثورة"، ولقبوه بـ"خالد الذكر"**، وأطلق على نفسه "فيردي مصر".

أما أنا... فأسميته "نافخ الصور".


ابن الإسكندرية، التي لم يكن غريبًا عليها التفرد، أم الفنون، صانعة الجمال.

هناك، حيث انطلق أول عرض سينما بعد باريس، وسبقت في الفن التشكيلي بمحمود سعيد، وتألقت موسيقيًا بأوركسترا متكامل من المواهب... أنجبت سيد درويش.


ذلك العبقري الذي اختلط ماء البحر بموسيقاه، فتلاطمت أمواجه بأنغامه، وأسرعت ألحانه تلاحق صخب البحر وصوت الناس...

حمل روح الثورة، وغنى للحرية، وأهدى للكون أسطورة بقاء.


سيد درويش... نافخ صور الثورة


استهلال حديثي لن يكون عن الأسطورة الموسيقية، بل عن الثورجي، مفجر ثورة 1919، لسان حالها ونافخ صورها.

كان طلق الولادة الذي دفع الثورة للانطلاق، فكانا وجهين لعملة واحدة تحمل اسم "ثورة 1919":


العقل المدبر: سعد زغلول.


الروح المفجّرة: سيد درويش.



غنى "قوم يا مصري" فكان الفتيل الذي أشعل الثورة، ودخل كل بيت ليُخرج أجمل ما فيه.

غنى للحب، وغنى للثورة، شحذ الهمم، تهكم وسخر، طبطب وعاتب... كيف امتلك هذا المزيج المتقن من المشاعر؟!

أول من غنى للثورة، وأول من غنى للشهيد... "بنت مصر"، التي أطلقها بعد استشهاد أول شهيدتين للثورة: حميدة خليل وشفيقة محمد.


غنى بلسان الشعب، كان مطربهم واحتل قلوبهم، رفع معنوياتهم بـ**"أنا المصري كريم العنصرين"، وعاتبهم بـ"شد الحزام على وسطك شد"، حتى وصل لذروة العتاب بـ"اقرأ يا شيخ فقاعة"**.

لم يكن مجرد فنان، بل صوت وطن، وضمير عصر، ورسول رسالة لم تمت.


رائد التجديد... مفجر المسرح الغنائي


لم يكتفِ درويش بأن يكون صوتًا للثورة، بل كان صوتًا لنهضة الفن ذاته.

في القاهرة، منذ 1917، وفي سبع سنوات فقط، أحدث طفرة موسيقية غيرت شكل الموسيقى العربية إلى الأبد.


أضاف مقام الزنجران، مقام جديد تمامًا على الموسيقى الشرقية، ليترك بصمة خالدة.


ابتدع الأغنية القصيرة التي لم تكن لتُقبل لولا عبقرية موسيقاه، فتحولت إلى نهج جديد.


قدّم 40 موشحًا، و100 طقطوقة، و30 رواية وأوبريت، وعشرات الأدوار، ترك فيها كل روحه.


أحدث ثورة في المسرح الغنائي، فكانت أوبريتاته مثل "العشرة الطيبة" و"شهرزاد" هي المفتاح الذي فتح أبواب المسرح الغنائي الحديث، ليؤثر لاحقًا في مسيرة الرحابنة وفيروز والمسرح الموسيقي العربي كله.



لم يكن درويش مجرد نغمة في عصره، بل كان أساس النغمات القادمة.

لم يكن ملحنًا، بل كان مدرسة، قِبلة للفنانين من كل أرجاء الوطن العربي.

أثر في عبد الوهاب، وألهم الرحابنة، ووحّد الأغنية العربية بنغمة واحدة.


ثم كانت درة التاج...

حينما كتب ولحن "زوروني كل سنة مرة"، ليضع فيها توقيعه الأخير، وكأنها وصيته الخالدة التي حملتها فيروز بعد عقود لتجوب بها العالم، وتنثر عبق صوته في الأفق.


سر الرحيل... الجريمة الصامتة


10 سبتمبر 1923... أو ربما 15 سبتمبر... تعددت التواريخ، لكن الرحيل كان صادمًا، والفاجعة كانت مبهمة.

قيل إنها جرعة زائدة من المخدر، لكن هناك من رفض التصديق...

هناك من قال: "لقد اغتالوه".


كان المشهد مكتمل الأركان، لحظة توهج الثورة من جديد.

سعد زغلول عائد من منفاه، ودرويش يعد هديته له، نشيد جديد يلهب الحماس:


"مصرنا وطنا.. سعدها أمالنا.. كلنا جميعًا للوطن ضحية."


اجتماع القطبين كان كارثة بالنسبة للمحتل...

العقل المدبر عاد، ونافخ الصور جاهز لإيقاظ الأمة من جديد...

لكنهم اختاروا ضرب الناي قبل أن ينفخ في صور الوطن مرة أخرى.


حفيده، محمد حسن سيد درويش، كشف الحقيقة في أحد لقاءاته الصحفية:

العشاء الأخير... الزرنيخ في الطبق... النهاية المحسومة.


اغتالوه؟ ربما.

قتلوه خوفًا من ألحانه؟ محتمل.

لكن ما هو مؤكد... أنهم لم يستطيعوا اغتيال صوته، ولم يقدروا على طمس موسيقاه.


عاش قليلًا... لكنه بقي خالدًا


هناك من يحيا مئة عام دون أن يُذكر...

وهناك من يمر على الدنيا 31 عامًا، لكنه يترك أثرًا يعبر الأجيال...


سيد درويش لم يكن مجرد فنان، كان حالة، وصوتًا، وزلزالًا فنيًا وسياسيًا.

عاش صادقًا، ومات شامخًا، وترك موسيقى لا تشيخ، ورسالة لا 



إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أيامنا: هي مجلة ثقافية واجتماعية وشاملة تصدر عن مؤسسة شمس العرب الصحفية, كما أن المجلة تضم عددها الورقي

برمجة وتصميم © شركة أوزيان2022

برمجة المهندس © مصطفى النمر2022