بقلم: ريم ماهر.
من العفش إلى الفُحش: حين يُغلَق بابُ الحلال
إنّ في الناسِ فاقةً، لا يَسُدُّ جوعَها مالٌ، ولا تُطفِئُ أوارَها أحلامٌ موؤدةٌ في زوايا الانتظار. فما بالُ أقوامٍ يُنادون بالعفَّةِ ثم يقطعون إليها السُّبُل، ويُرغِّبون في النكاحِ ثم يجعلونهُ عسيرَ المنال؟ فإنّ الفتى ليُرهَقُ بالمطالب، حتى ليكادُ يرى الزواجَ حِلمًا، فإن يئس، أو عَزَّ عليهِ السَّبيل، رَكِبَ ما لا يُحمدُ عُقباهُ، وألقى بنفسهِ في مَهَاوٍ تُرديه.
يُريدونَ التيسيرَ ويُشدِّدون.. فبِئسَ ما يصنعون!
ما بالُ قومٍ ظنُّوا السعادةَ في زُخرفٍ زائلٍ، ولم يَعلموا أنّ الديارَ تُبنى بالمودَّةِ لا بالمُقتنى، وأنّ المرأةَ تُشرى بأخلاقِها لا بثقل مهرِها؟ أوَلم يأتِهم نبأُ أقوامٍ قَبْلَهم، جعلوا الزواجَ ميسورًا، فطابت حياتُهم، وصَلُحَت ذريَّتُهم، وأمِنَت قلوبُهم؟
فيا هؤلاء:
خفِّفوا عن الشبابِ ما لا طاقةَ لهم به، فما كان الزواجُ ميدانَ مباهاةٍ، ولا كان العُرسُ ساحةَ سباقٍ في التَّرفِ والبَذَخ.
أعيدوا للنكاحِ بساطتَهُ، فلا عيبَ في بيتٍ صغيرٍ إن كان عامرًا بالمودَّة، ولا في أثاثٍ يسيرٍ إن كانت القلوبُ مُطمئنَّة.
خُذوا من تجاربِ غيرِكم، فكم من أممٍ سهَّلت السُّبلَ فباركَ اللهُ فيها، وكم من أقوامٍ شدَّدوا، فتقطَّعت أوصالُهم في الفسادِ والفِتَن.
ألا فليُنظر في الأمرِ قبلَ فَواتِ الأوان!
إنّ العفافَ إذا ضاقَت سُبُلُهُ، تفرَّقتِ الأقدامُ في دروبِ الهلاك، وإنّ الحلالَ إذا تعذَّر، لم تلبثِ الفاحشةُ أن صارت مألوفةً، فبئسَ قومٌ جعلوا الحرامَ أيسرَ من الحلال، وشدَّدوا في الطُّهرِ حتى زاغتِ الأبصارُ عنه!
فيا أهلَ الحِكمةِ، أما آنَ لكم أن تَكسروا قُيودًا جائرةً، وتُعيدوا للزواجِ بَهاءَهُ، قبلَ أن يَطغى السَّيلُ ويأتي على الأخضرِ واليابس؟ أم أنكم تنتظرون يومًا تُفتَحُ فيه البيوتُ على فجائعَ لا تُغلق، وتُبلى القلوبُ بما لا دواءَ له؟
واللهِ إنَّ قومًا يُيسِّرون الحرامَ ويُعسِّرون الحلالَ، لن يُبارَك لهم في دنياهم، ولن يُحمدوا في آخرتِهم، فاعتبروا يا أولي الأبصار!
بقلم/
ريم ماهر.