د. عبير عاطف تكتب: " شيخوخة الخلايا
بقلم د. عبير عاطف
عندما يبدأ الانهيار من الداخل... قبل أن يظهر على ملامحنا .هل خطر لك يومًا أن الحزن والضغوط النفسية ، تقلب المزاج، أو حتى ضعف التركيز قد يكون له أصل بيولوجي خفي؟
في أعماق أجسادنا، هناك معركة لا نراها تدور كل لحظة، بين جزيئات تُدمّر وأخرى تُحاول الدفاع.
وحين يفقد الجسد توازنه، لا تتعب الخلايا فقط، بل تتعب نفسيتنا أيضًا… ويبدأ الانهيار في صمت.
يعني إيه "الجذور الحرة"؟
الجذور الحرة هي جزيئات صغيرة جدًا لكنها غير مستقرة، تتكون داخل أجسامنا أثناء العمليات الحيوية، مثل إنتاج الطاقة، أو عند التعرض للتلوث والضغط النفسي وسوء التغذية.
وهي خطيرة لأنها تُشبه شخصًا فقد توازنه: يسرق الإلكترونات من الخلايا السليمة ليستقر هو… لكن يُتلفها في المقابل.
ومع كل هجوم، تضعف الخلية أو تموت، وتبدأ سلسلة من الأضرار تُسمى:
الإجهاد التأكسدي.
الإجهاد التأكسدي هو خلل داخل الجسم يحدث حين يزيد عدد الجذور الحرة وتضعف قدرة الجسم على مواجهتها.حين يكون الجسم قويًّا، يستخدم مضادات الأكسدة (سواء من الطعام أو التي يصنعها) لتعادل تأثير الجذور الحرة. لكن مع: قلةالنوم_الضغوط المستمرة
الإهمال في الغذاء_التوتر المزمن
تفقد الخلايا دفاعاتها وتبدأ في الشيخوخة المبكرة… حتى وإن كنا في العشرينات أو الثلاثينات من العمر.
الضغوط النفسية... بوابة شيخوخة الخلايا
الضغوط النفسية ليست مجرد مشاعر عابرة، بل تؤثر على الكيمياء الداخلية للجسم.
فالإجهاد المزمن يؤدي إلى:
ارتفاع هرمون الكورتيزول الذي يُضعف المناعة ويزيد الالتهاب.
إرهاق الجهاز العصبي وتقليل قدرته على التجدد.
تعطيل عمل مضادات الأكسدة الطبيعية.
ومع الوقت، يبدأ الجسم في الانهيار:
تضعف الذاكرة، يقل التركيز، تنخفض طاقتنا، وتفقد النفس متعتها بالحياة.
شيخوخة الخلايا والصحة النفسية: علاقة خفية… لكنها حاسمة
عندما تهاجم الجذور الحرة خلايا الدماغ، يتأثر مركز المزاج والتفكير:
يتراجع إنتاج "السيروتونين" و"الدوبامين"، وهما هرمونا السعادة والدافعية.
تتلف الميتوكوندريا (مصنع الطاقة في الخلية)، فنتعب ونقلق بسرعة.
تضعف قدرة الخلايا على التجدد… ونُصبح أكثر عرضة للاكتئاب والقلق.
وهناك دراسات تناولت أسباب شيخوخة الخلايا منها دراسة منشورة بمجلة Progress in Neuro-Psychopharmacology عام 2011، وُجد أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب لديهم مستويات مرتفعة من الإجهاد التأكسدي ومؤشرات تلف الخلايا العصبية مقارنة بالأصحاء. ودراسات عربية منها
أشارت دراسة نُشرت في المجلة الطبية السعودية 2019 إلى أن النساء المعرضات للضغوط النفسية المزمنة أظهرن مستويات عالية من المؤشرات البيولوجية لشيخوخة الخلايا، بما فيها قصر التيلوميرات، التي تُعد مؤشرًا حيويًا للتقدم البيولوجي في العمر.
كيف نحمي أنفسنا من شيخوخة الخلايا؟
ليست العناية بالجسد رفاهية… بل وقاية حقيقية للصحة النفسية والعقلية.
وهذه خطوات بسيطة… لكنها تُغيّر مستقبل خلايانا:
. غذِّ خلاياك:
تناول أطعمة غنية بمضادات الأكسدة (التوت، الشاي الأخضر، الرمان، الكركم، الجرجير).
. نم جيدًا:
7–9 ساعات ليلًا تجدد الدماغ وتصلح ما أفسده اليوم.
. تحرك بذكاء:
المشي أو الرياضة المنتظمة تخفف التوتر وتحفز إنتاج مضادات الأكسدة.
. اشحن أعصابك بالهدوء:
جرّب التنفس العميق، التأمل، أو قضاء وقت في الطبيعة.
. لا تهمل مشاعرك:
تحدث، عبّر، اكتب… لأن كتمان النفس يُشيخ الجسد.
نشيخ حين نصمت كثيرًا ونضغط على أنفسنا أكثر مما نحتمل.
نشيخ حين نهمل احتياجاتنا، ونؤجل راحتنا، ونسهر على حساب قلوبنا.
حافظ على خلاياك… فهي لا تطلب الكثير. فقط… قليل من الهدوء، وقليل من الغذاء، وكثير من الرحمة بالنفس.
بقلم
د.عبير عاطف
المستشار الاسرى