جاري تحميل ... مجلة أيامنا

إعلان الرئيسية

كتاب أيامنا

عددنا الورقي

ترجم إلى

زيارات الموقع هذا الشهر

إعلان في أعلي التدوينة

الاعلامية شرين فكري تكتب:الفقد!! «حين تذبل الروح برحيل من وهبك الحياة»


 



بقلم /شرين فكري 




 

   _ إحساس مميت حين تشعر أنك تعرّيت تمامًا، لا تعري الجسد، بل تعري الروح، ذاك الاحتواء والطمأنينة التي ظلت تكسوك منذ ولادتك، اندثرت، واختفى غطاء الأمان من الوجود. تدرك حينها أن ساعة النهاية قد حلّت، وأن الفراق الأبدي بات واقعًا لا مفر منه ولا رجعة ولو للحظة... فقط لنظرة أو حديث أو وداع أخير .تقف عاجزًا عن التعبير، لا تُجيد قول ما ينبغي عن تلك الخسارة. إنها لوعة الفقد وحنين موجع لمن تودّعه بغتة، دون سابق إنذار.


    كانت أصوات البكاء تملأ الأجواء ... تمر ثوانٍ   وأنت تتأمل ملامحه بين الذهول والحزن، قبل أن تُدرك أن الموت قد فرض نفسه، وها هو يُجاهر  بحضوره الفج عبر عويل لا ينقطع وصراخ مكتوم، وأيادٍ تحمل نعش من تحب، مودعًة إياه نحو مثواه الأخير . تتيقّن أن ما حدث أمامك ليس وهمًا ولا خيالًا، إنما حقيقة جارحة لا فكاك منها، حينما تفرض سطوتها رغمًا عنك ، وتتربص بك في صمت خادع، مهما حاولت الفرار . فالموت لم يكن مجرد النهاية، ، بل هو بداية لعالم آخر تجهله.


    هذا الموتُ صاخب، يخترق السكينة ويزلزل كيانك وأنت متيبس القدمين، واقف وسط آلاف محبّيه وهم يدخلونه في مسكنه الأبدي الجديد. تتشظّى بداخلك أشياء تجهل تسميتها، تتبعثر مشاعرك ويَطفئ الموت بريق عينيك، وأنت ترتجف له وتكذبه، تصرخ بوجهه حين يجتاحك عبثه، ويستبيح كل ركن في وجدانك بلا هوادة. شعورُ باليُتم يزحف إلى حياتك رويدًا رويدًا ، غصّة ومرارة تثقل قلبك بعد أن كان يغمرك دومًا بحبه غير المشروط. سكونُ مخيف يُلقي بظله على كل ما حولك ويعصرك من الداخل، حين تدرك فجاعة خسارتك لمن وهبك الحياة " أباك". ذلك الحِمى والسند الذي كان يطوّقك كسياج أمان، يحميك من خوف المجهول ؛ فقط لأنك بجواره.


     تقف الكلمات عند حلقك وتخذلك أن تنثرَ كل ما يضيق به صدرك ، ويعج به عقلك تجاه هذا الوجع وذلك الفقد، كلماتُ لا تقوى على أن تترجم ألآف التضحيات. بداخلك أنين لا ينتهي وبكاء لا يسمعه سواك ولا تعرف مدى اتساعه، لألف قصة وحكاية. وكلُ حكاية وراءها ألف دمعة وضحكة، وكل ضحكة وراءها ألف قعدة وحضن دافئ ، وكل حضن وراءه ألف معنى ومعنى، لنعمةٍ كبيرةٍ وصوتٍ في الحياة ، لا يُقدر بثمن، يصعبُ تكراره أو تعويضه. إنها حقيقةٌ لا يُمكن لأحد إنكارها، في حضرة وجوده قبل غيابه. 


    مع سكون الليل، ترقرقت عيناك بالدموع، وأنت تمكث منفردًا ، تتفحص ألبوم صوركما، قبل أن تشعر بهواء عليل نفذ من ضلفتي نافذتك المواربة واستلقى بخفة على كتفيك، كأنها راحَتا يديه تُحيطانك وتضمانك. لم تفزع، بل هدأت ومسحت هذا البحر  من الدموع، حين خُيّل إليك أنها كفّاه تربتان على جسدك الوهن المنهك بالتعب، وعلى عقلك المثقل بالكثر . أغمضت عينيك مطمئنًا للحظات بدت كأنها الدهر ، ثم فتحتهما ببطء، كمن يهمس للزمن أن يتمهّل. أخذت تتمتم  متحسرا مرتجفًا متأملًا آخر صورة لكَ معه :" رحل أبي، ولم يأخذ معه سوى قلبي ... فات الأوان لخلق ذكريات جديدة، فالقدر لم يهبني الوقت كما كنتُ أرغب وأحلم".



  إلى أبي الحنون، الذي غاب عن الوجود ولكن يبقى فى خلجات القلب.


عصر الأربعاء 

30يوليو 2025

#شيرين فكري 

#شيري💜💜💜

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أيامنا: هي مجلة ثقافية واجتماعية وشاملة تصدر عن مؤسسة شمس العرب الصحفية, كما أن المجلة تضم عددها الورقي

برمجة وتصميم © شركة أوزيان2022

برمجة المهندس © مصطفى النمر2022