جاري تحميل ... مجلة أيامنا

إعلان الرئيسية

كتاب أيامنا

عددنا الورقي

ترجم إلى

زيارات الموقع هذا الشهر

إعلان في أعلي التدوينة

أدب

ريم ماهر تكتب....عدو الإنسان توقعاته.



 

في كل مرة يخطو الإنسان نحو المستقبل، يحمل في جعبته شيئًا قد يكون أثقل من الواقع نفسه: التوقعات. نحن نصنع صورًا في أذهاننا لأحداث لم تقع بعد، ونرسم لها سيناريوهات مثالية أو كارثية، ثم نجلس نراقب الواقع وهو يهدمها لبنةً لبنة. وهنا تكمن المأساة؛ إذ إن التوقعات لا تكتفي بإفساد الحاضر، بل تسلبنا متعة اللحظة، وتجعلنا نعيش في قلق دائم بين الخوف مما سيأتي أو الحنين لما لم يكن.


لماذا يتوقع الإنسان؟

التوقعات ليست مجرد أفكار عابرة، بل هي جزء أساسي من طريقة تفكير الإنسان، ولها أسباب نفسية وعقلية عميقة، منها:


1. الرغبة في السيطرة: العقل البشري يكره المجهول، فيحاول توقع الأحداث ليستعد لها ويشعر بالتحكم في حياته.



2. التجارب السابقة: نبني توقعاتنا على ما مررنا به من قبل، سواء كانت تجارب إيجابية أو سلبية.



3. الأمل والخوف: التوقعات قد تكون مدفوعة بالأمل في مستقبل أفضل، أو بالخوف من وقوع الأسوأ.



4. التخطيط واتخاذ القرار: لا يمكن العيش بدون بعض التوقعات، فهي تساعدنا على وضع خطط عملية واتخاذ قرارات مبنية على تحليل الواقع.



5. التفكير العاطفي: أحيانًا نتوقع أشياء معينة لأننا نريد تصديقها، وليس لأنها منطقية أو واقعية.




فاالتوقعات أشبه بمرآة مشوشة؛ قد تعكس الأمل، وقد تعكس الوهم. فهناك من يبني آماله على توقعات وردية، يعتقد أن الحياة ستمنحه ما يشتهي دون عناء، وعندما يكتشف أن الواقع لا يخضع لأحلامه، يصاب بالإحباط واليأس. وعلى الجانب الآخر، هناك من يملأ رأسه بتوقعات سوداوية، يرى في كل باب مغلق مصيبة، وفي كل تأخير خيبة، فيعيش في سجن صنعه بنفسه، فلا هو استمتع بما لديه، ولا هو تجنب ما يخافه.




والحياة لا تحترم توقعاتنا، بل تحترم قوانينها الخاصة. قد تتوقع نجاحًا ساحقًا، فتفاجأ بعقبات لم تحسب لها حسابًا. وقد تتهيأ للأسوأ، فتفاجأ بأن الأمور سارت بأفضل مما كنت تظن. المشكلة ليست في التوقع بحد ذاته، وإنما في التعلق به، في جعله حقيقة قبل أن يكون كذلك.


كيف نكسر سجن التوقعات؟

1. عِش اللحظة: بدلاً من الانشغال بالمستقبل غير المضمون، ركز على اللحظة الراهنة، واستمتع بها كما هي.



2. تقبل الاحتمالات كلها: لا بأس أن تأمل الأفضل، لكن كن مستعدًا للأسوأ دون أن تدع ذلك يحطمك.



3. اجعل توقعاتك مرنة: لا تبنِ حياتك على سيناريو واحد، فالحياة مليئة بالمفاجآت.



4. اعمل بدلًا من أن تتوقع: بدلًا من انتظار النتائج بناءً على توقعاتك، اسعَ لتحقيق ما تريد بجهد حقيقي.




وختامًا.....عدو الإنسان ليس الفشل، ولا العقبات، ولا حتى الأعداء الحقيقيون، بل توقعاته التي تأسره في دوامة من الخيبات أو الأوهام. حين ندرك أن الحياة لا تسير وفقًا لتصوراتنا، نصبح أكثر قدرة على التكيف معها، ونمنح أنفسنا فرصة للعيش حقًا، لا مجرد الترقب.

بقلم/

ريم ماهر. 


الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أيامنا: هي مجلة ثقافية واجتماعية وشاملة تصدر عن مؤسسة شمس العرب الصحفية, كما أن المجلة تضم عددها الورقي

برمجة وتصميم © شركة أوزيان2022

برمجة المهندس © مصطفى النمر2022