جاري تحميل ... مجلة أيامنا

إعلان الرئيسية

كتاب أيامنا

عددنا الورقي

ترجم إلى

زيارات الموقع هذا الشهر

إعلان في أعلي التدوينة

الأحدث

وضوء الحليب وصلاة الخبز أسرار محجوبة في دهاليز السحر.


  




ريم ماهر تكتب..... 

يا قارئ الحرف ومصغي البيان، إني قاص عليك خبرا لم تألفه، وناقل إليك من أساطير الأولين ما عجز عن تأويله المفسرون، وخشي من بوحه الحكماء والراغبون، فلا تبرح المقام حتى يستكمل لك البيان، فإنه لحديث مازجه العجب، وسقاه المجهول من كأس الدهشة حتى فاض وأغرق، فإن كنت من أرباب الفطنة، وأولي النهى والبصيرة، فأنصت لقولي ولا تخف، فلست من أهل الظلمة، ولكنني أجول في أروقة الزمن لأستنطق ما خبأته الأوراق وما وسوست به الألسن في الظلام




(وضوء اللبن طهر مزيف أم رجس مستتر) 

ألا فاعلم أصلحك الله أن أهل السحر مذ قدم قد توارثوا من الطقوس أعجبها، ومن الخرافات أغربها، وإن من أعجب ما خفي واستتر، ما سماه القوم وضوء اللبن، إذ زعموا أن في غسل الجوارح به صفاء للنفس، ونقاء للروح، وزيادة في البصيرة، حتى يفتح للساحر باب العوالم المجهولة، ويرى ما لا يراه الناس من عوالم الخفاء والجن والروحانية


وقد جاء عن القوم أنهم لا يتوضؤون باللبن إلا في ليال معلومة، حيث يكون القمر في ليلته الناصعة، متلألئا ككوكب دري، فيغتسلون به قبل أن يسجدوا لسلطانهم، أو يؤدوا طقوسا غامضة لا يدرك كنهها إلا من ترسم خطاهم، وسار على دربهم


ولعمري كيف يكون الطهر فيما دنسه المكر، وكيف يستساغ وضوء قصده صاحبه رجاء لما حرم الله، ما زادهم ذلك إلا رجسا على رجس، وإن ظنوا أنهم يتطهرون، فما زادهم إلا تلطخا بالدنس، وضلالا فوق ضلالهم المبين




ما أصل وضوء اللبن؟ 

إن للحديث بقية، وإن للأسطورة أصولا غاصت في جوف التاريخ، فقد نقل أهل السير أن بعض الأمم الغابرة كانت ترى في اللبن بركة ورمزا للنقاء، يقدمونه قرابين للأرواح، ويلتمسون منه الخير، حتى جاء من القوم من استبدل به ماء الطهر، فجعله وضوءا يتطهر به، ظنا منه أنه يزيد في النورانية، ويكشف له المغيبات، فما كان ذلك إلا مكرا من الشيطان، وإغواء لضعفاء النفوس، فلبسوا الحق بالباطل، وظنوا أنهم يحسنون صنعا



صلاة العيش هل تفتح بها أبواب الجنة أم أبواب الجن؟ 

أما عن صلاة العيش، فذاك أمر آخر، وسر مبهم، حارت في تأويله العقول، واضطربت حوله الأقوال، فماذا يعنيه القوم حين يقولون الساحر يصلي العيش، أيكون للخبز صلاة تقام، أم يكون له دعاء يتلى


إنه لسر قديم، أحيط بالكتمان، فما أفشاه أحد إلا وأصابه الشؤم، وزعموا أنها صلاة يتلوها الساحر على رغيف الخبز، قبل أن يقدمه لمن أراد سحره، أو يلقيه في مفترق الطرق ليستدعي به كائنات الظلمة، فإن قبلت، تحقق مراده، وإن ردت عليه، أصابه من اللعنة ما لا يغفر




(أصل الطقس ورمزيته) 

لا يخفى على ذي لب أن القربان كان عادة قديمة، قد استنها القوم منذ الجاهلية الأولى، فكانوا يقدمون للآلهة الطعام والشراب، رجاء البركة أو دفع السوء، ولما جاء أهل السحر، اتخذوا هذه العادة سلما لمآربهم، فجعلوا العيش وهو قوت الإنسان وسيلة لاستدعاء القوى الخفية، فكانوا يقرأون عليه ما لا يفهم، وينثرونه في أماكن مجهولة، لعل عفريتا يلتقطه، أو جنيا يتقرب إليهم




(بين الحقيقة والخرافة) 

لا غرو أن لهذه القصص أصلا ضاربا في أعماق التاريخ، فإن السحر مذ وجد والناس تخشاه، وتهيب من دنسه، فكانوا يلتمسون تفسيرات لكل ظاهرة غريبة، فما نضب حليب البقرة، ولا فسد الرغيف، إلا وكان للسحر نصيب في تفسير ذلك، وما غاب أحد في الدجى، ولا تاه في فلاة، إلا وقالوا لعل أكل عيشا مسحورا، أو توضأ بلبن ممسوس




وختامًا....إن كنت يا قارئي ممن يعقلون، فلا تركن إلى ظلام الخرافة، ولا تمش في دروب الضلالة، فإن السحر نار محرقة، كل من اقترب منها احترق، ومن تلمسها هلك، وإن السبيل الحق هو نور التوحيد، واتباع النور دون التفات إلى سراب يراه الغافلون ماء، وما هو إلا وهم خادع


فلا تغتر بما يقولون، ولا تصدق حديث الساحر وإن قال لك إنه ينطق بالحكمة، فإنهم قوم تاهوا في ظلمات أنفسهم، فلم يروا النور، ولم يهتدوا إلى سبيل مستقيم، وإن الله ليمهلهم، حتى إذا أخذهم، أخذهم أخذ عزيز مقتدر. 

بقلم/

ريم ماهر. 




الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

أيامنا: هي مجلة ثقافية واجتماعية وشاملة تصدر عن مؤسسة شمس العرب الصحفية, كما أن المجلة تضم عددها الورقي

برمجة وتصميم © شركة أوزيان2022

برمجة المهندس © مصطفى النمر2022